تتطلب إجراءات العناية الواجبة المعززة (EDD) تطبيق مستوى أعلى من التدقيق والتحقق عند التعامل مع العملاء ذوي المخاطر العالية، مثل الشركات القابضة ذات الهياكل المعقدة أو تلك القادمة من ولايات قضائية عالية المخاطر. الهدف الأساسي هو منع استخدام المؤسسة المالية في أنشطة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب. يجب على مسؤول الامتثال تجاوز مجرد التحقق من المستندات القانونية للشركة المسجلة والتعمق في تحديد هوية المالك المستفيد النهائي (UBO) الفعلي. يتضمن ذلك تحديد الأفراد الذين يمارسون السيطرة النهائية، بغض النظر عن عتبات الملكية الرسمية (مثل 25%)، خاصة إذا كانت هناك مؤشرات على سيطرة فعلية أو غير مباشرة. علاوة على ذلك، يعد التحقق من مصدر الثروة ومصدر الأموال أمرًا بالغ الأهمية لضمان شرعية الأصول التي سيتم تداولها عبر الحساب. يجب أن تكون هذه الوثائق داعمة ومفصلة وتخضع لتحليل منطقي. لا يمكن الاعتماد فقط على المعلومات المقدمة من العميل؛ بل يجب إجراء بحث مستقل باستخدام مصادر خارجية موثوقة لتقييم السمعة والمخاطر المرتبطة بالشركة وكبار مسؤوليها. هذه الإجراءات تضمن أن المؤسسة لديها فهم شامل للمخاطر المرتبطة بالعميل وتسمح باتخاذ قرار مستنير بشأن استمرار العلاقة المصرفية.

يتطلب تقييم طبيعة وغرض الحساب فهماً عميقاً للأسباب التي تدفع العميل لفتح الحساب وكيفية استخدامه المتوقع. هذا التقييم ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو حجر الزاوية في بناء ملف مخاطر العميل وتحديد الأنشطة المشبوهة المحتملة في المستقبل. العنصر الأول الحاسم هو التحقق من الاتساق بين النشاط التجاري المعلن والتدفقات المالية المتوقعة. إذا كانت الشركة تدعي أنها تستورد آلات متخصصة، فيجب أن تتوقع المؤسسة المالية رؤية تحويلات كبيرة إلى مناطق جغرافية معروفة بتصنيع تلك الآلات، وأن تكون هذه التحويلات متوافقة مع حجم الأعمال المعلن. أي تباين كبير، مثل تحويلات صغيرة متكررة إلى ولايات قضائية عالية المخاطر لا علاقة لها بالاستيراد، يشير إلى مخاطر محتملة تتطلب مزيداً من التدقيق. العنصر الثاني لا يقل أهمية وهو تحديد المصدر النهائي للثروة ومصدر الأموال. يجب أن يكون مصدر الأموال المستخدمة في الإيداعات الأولية أو لتمويل العمليات متسقاً ومنطقياً مع طبيعة عمل الشركة وحجمها. هذا يضمن أن الأموال ليست ناتجة عن أنشطة غير مشروعة أو أنها تستخدم كواجهة لغسل الأموال. هذه الخطوات مجتمعة تمكن المؤسسة المالية من إنشاء خط أساس دقيق للنشاط المتوقع، مما يسهل اكتشاف أي انحرافات غير مبررة لاحقاً.

يعد تقييم الغرض من العلاقة المصرفية والطبيعة المتوقعة للنشاط هو الخطوة الأولى والأكثر أهمية في تحديد نطاق المعلومات المطلوبة لإجراء العناية الواجبة للعميل (CDD) أو العناية الواجبة المعززة (EDD). هذا التقييم هو حجر الزاوية في النهج القائم على المخاطر (RBA)، والذي تفرضه جميع الهيئات التنظيمية الرئيسية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. من خلال فهم سبب رغبة العميل في فتح الحساب وكيفية استخدامه المتوقع، يمكن لمسؤول الامتثال تحديد مستوى المخاطر الكامنة المرتبطة بالعميل. إذا كان الغرض يشير إلى معاملات معقدة أو عابرة للحدود أو مرتبطة بقطاعات عالية المخاطر، فإن ذلك يرفع تلقائيًا مستوى المخاطر ويتطلب جمع معلومات إضافية تتجاوز مجرد تحديد الهوية الأساسي. هذا التحديد المبكر للمخاطر يوجه عملية جمع الوثائق، مما يضمن أن المؤسسة المالية لا تضيع الوقت في جمع معلومات غير ضرورية للعملاء ذوي المخاطر المنخفضة، وفي الوقت نفسه تضمن الحصول على جميع البيانات اللازمة للعملاء ذوي المخاطر العالية، مثل هياكل الملكية المعقدة أو مصادر الثروة. إن الفشل في تحديد الغرض والنشاط المتوقع أولاً يؤدي إلى تطبيق إجراءات موحدة قد تكون غير كافية للعملاء المعقدين، مما يعرض المؤسسة لمخاطر الامتثال والعقوبات التنظيمية.

تتطلب إجراءات العناية الواجبة المعززة (EDD) عند التعامل مع كيانات ذات مخاطر عالية، مثل الشركات المسجلة في ولايات قضائية خارجية أو ذات هياكل ملكية معقدة، مستوى أعمق من التحقق يتجاوز العناية الواجبة القياسية. الهدف الأساسي هو “اختراق حجاب الشركة” لتحديد المستفيد الحقيقي النهائي (UBO)، وهو الفرد الطبيعي الذي يمتلك أو يسيطر على الكيان فعلياً. لا يكفي الاعتماد على الإقرارات الذاتية المقدمة من العميل، بل يجب على المؤسسة المالية استخدام مصادر مستقلة وموثوقة. تشمل هذه المصادر قواعد البيانات التجارية العالمية المتخصصة في الامتثال ومكافحة غسل الأموال، والتي توفر معلومات حول العقوبات، والأشخاص المعرضين سياسياً (PEPs)، والسمعة السلبية. بالإضافة إلى ذلك، يجب تدقيق الوثائق القانونية الرسمية الصادرة عن سلطات التسجيل الحكومية في الولاية القضائية المعنية. هذه الوثائق، مثل شهادات التأسيس وعقود التأسيس، ضرورية لفهم كيفية توزيع الملكية والسيطرة. يجب أن يركز التحليل على تحديد أي فرد يمتلك نسبة ملكية تتجاوز الحد التنظيمي (عادة 25%) أو يمارس سيطرة فعلية على مجلس الإدارة أو القرارات التشغيلية الرئيسية. هذا النهج يضمن الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ويقلل من مخاطر التعامل مع كيانات تستخدم لإخفاء أصول غير مشروعة. إن استخدام مصادر متعددة وموثوقة هو حجر الزاوية في العناية الواجبة المعززة لضمان دقة واكتمال معلومات تحديد هوية العميل.

تعتبر موثوقية وأهمية المعلومات من الركائز الأساسية لنجاح برنامج “اعرف عميلك” (KYC)، خاصة عند التعامل مع العملاء ذوي المخاطر العالية (HRC) الذين يتطلبون عناية واجبة معززة (EDD). الموثوقية تتعلق بمدى الثقة التي يمكن وضعها في البيانات المقدمة. يتم تحديد هذه الموثوقية بشكل أساسي من خلال مصدر المعلومات. فالمستندات الصادرة عن جهات حكومية رسمية أو مصادر مستقلة ذات سمعة طيبة (مثل مدققي الحسابات الخارجيين المعتمدين) تحمل موثوقية أعلى بكثير من الإقرارات الذاتية غير المدعومة. كما أن حداثة الوثائق تلعب دوراً حاسماً، حيث أن الوثائق القديمة قد لا تعكس الوضع الحالي للعميل أو هيكله القانوني. أما الأهمية، فتتعلق بمدى صلة المعلومات بالهدف التنظيمي لعملية العناية الواجبة. يجب أن تكون المعلومات ذات صلة مباشرة بتقييم المخاطر، وتحديد هوية المستفيد النهائي، وفهم الغرض الحقيقي من العلاقة التجارية وطبيعة الأنشطة المتوقعة. إذا كانت المعلومات لا تخدم هذه الأهداف، فإنها تعتبر غير ذات صلة، بغض النظر عن مدى دقتها. إن الجمع بين الموثوقية العالية والأهمية القصوى هو ما يضمن أن المؤسسة المالية قادرة على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن قبول العميل وإدارة المخاطر المرتبطة به بشكل فعال، مما يقلل من احتمالية التورط في أنشطة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.

إن الامتثال للعقوبات يتجاوز بكثير مجرد مطابقة الأسماء المدرجة في القوائم الرسمية. تتطلب الأنظمة الرقابية الحديثة، مثل تلك التي يفرضها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) أو قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من المؤسسات المالية تطبيق نهج شامل يركز على تحديد الملكية والسيطرة غير المباشرة. هذا المفهوم حيوي لضمان عدم تمكين الأفراد أو الكيانات الخاضعة للعقوبات من الوصول إلى النظام المالي العالمي من خلال شركات واجهة أو كيانات مملوكة لهم بأغلبية. يجب على المؤسسات المالية أن تتبنى قاعدة الملكية والسيطرة، والتي تنص عادة على أن أي كيان مملوك بنسبة 50% أو أكثر، بشكل مباشر أو غير مباشر، من قبل شخص خاضع للعقوبات، يعتبر خاضعًا للعقوبات أيضًا، حتى لو لم يكن مدرجًا بالاسم. علاوة على ذلك، يجب أن يشمل الفحص جميع الأطراف ذات الصلة بالعميل، بما في ذلك المالكين المستفيدين النهائيين (UBOs) وكبار الموظفين الإداريين، لضمان عدم وجود أي شخص خاضع للعقوبات يمارس نفوذاً على حساب العميل. كما أن فهم النطاق الجغرافي والقانوني لأنظمة العقوبات المختلفة أمر بالغ الأهمية، حيث قد تفرض بعض الدول عقوبات ذات تأثير خارج الحدود الإقليمية، مما يتطلب من المؤسسات فحص قوائم متعددة (دولية ومحلية) لضمان الامتثال الكامل.

بما أن هذا السؤال مفاهيمي ولا يتضمن أي عناصر رياضية أو حسابات، فلا يوجد حساب رياضي يتم عرضه. تعتبر إدارة مخاطر الأطراف الثالثة والجهات المرتبطة بها من الركائز الأساسية لبرامج مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CTF)، خاصة في سياق شهادة CKYCA. عندما تتعامل المؤسسة المالية مع وسيط أو طرف ثالث يقدم عملاء جددًا، فإنها تتحمل مسؤولية مشتركة عن مخاطر هؤلاء العملاء. تزداد هذه المخاطر بشكل كبير إذا كان الطرف الثالث يعمل في ولاية قضائية عالية المخاطر أو يقدم هياكل ملكية معقدة. لذلك، يجب تطبيق العناية الواجبة المعززة (EDD) لتقليل المخاطر التنظيمية ومخاطر السمعة. تتجاوز متطلبات العناية الواجبة المعززة مجرد جمع الوثائق الأساسية؛ فهي تتطلب تقييمًا شاملاً لسلامة الطرف الثالث نفسه، بما في ذلك التحقق من فعالية ضوابطه الداخلية لمكافحة غسل الأموال وحالة ترخيصه القانوني. علاوة على ذلك، يجب أن تكون العلاقة مع الأطراف الثالثة عالية المخاطر خاضعة لرقابة حوكمة صارمة، مما يستلزم الحصول على موافقة صريحة من الإدارة العليا أو مجلس الإدارة قبل الدخول في العلاقة أو استمرارها. كما يجب أن تكون عملية المراقبة مستمرة ومكثفة، مع مراجعات دورية أكثر تكرارًا من المعتاد. والأهم من ذلك، يجب على المؤسسة المالية أن تتعمق في تحديد الملكية المستفيدة النهائية (UBO) للعملاء الذين يتم تقديمهم، متجاوزةً حدود التحقق القياسية لضمان عدم استخدام الطرف الثالث كواجهة لإخفاء مصادر الأموال غير المشروعة.

تُعد عملية مراجعة وإعادة النظر في المعلومات الحالية للعميل عنصراً حاسماً في برنامج اعرف عميلك (KYC) الفعال، خاصة في سياق المراقبة المستمرة. عندما تكتشف المؤسسة المالية تغييراً جوهرياً في ملف مخاطر العميل، مثل التحول في طبيعة العمل أو مصدر الأموال، يجب أن يتم تفعيل إجراءات المراجعة القائمة على الحدث على الفور. هذا الإجراء يضمن أن تصنيف المخاطر الحالي للعميل لا يزال دقيقاً ويعكس وضعه الفعلي. إن مجرد الاعتماد على المراجعات الدورية المجدولة لا يكفي للتعامل مع المخاطر الناشئة. يجب على المساعد المعتمد أن يبدأ عملية إعادة تقييم شاملة للمخاطر، والتي قد تؤدي إلى رفع مستوى المخاطر وتطبيق تدابير عناية واجبة معززة (EDD). بالإضافة إلى ذلك، من الضروري سد الفجوة المعلوماتية من خلال الحصول على وثائق جديدة وموثوقة تثبت التغييرات التي طرأت على العميل، مثل الوثائق المتعلقة بمصادر الثروة الجديدة أو التغييرات في هيكل الملكية المستفيدة. هذه الخطوات تضمن الامتثال للمتطلبات التنظيمية وتساعد في حماية المؤسسة من التعرض لغسل الأموال وتمويل الإرهاب. يجب أن تكون الأولوية هي تحديث الملف بالكامل وإعادة تقييم المخاطر قبل اتخاذ قرارات بشأن الإبلاغ الخارجي أو تقييد الحسابات، حيث أن الإجراءين المذكورين هما الأساس لضمان استمرارية دقة بيانات العناية الواجبة.

تعتبر عملية فحص المعاملات مقابل قوائم العقوبات الدولية والمحلية خطوة حاسمة في برنامج الامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CTF). عندما يقوم نظام الفحص الآلي بتوليد تنبيه (Alert) يشير إلى تطابق محتمل (Potential Hit)، فإن هذا لا يعني بالضرورة وجود انتهاك مؤكد، بل يشير إلى ضرورة إجراء تحقيق فوري ومعمق. تكمن أهمية المقارنة بين مرحلة التنبيه الآلي ومرحلة التحقيق اليدوي في تحديد الإجراءات الإلزامية التي تضمن عدم معالجة معاملة تنتهك نظام عقوبات ساري المفعول. الإجراء الأول والأكثر أهمية هو التجميد المؤقت أو الحجب الناعم للمعاملة. هذا الإجراء الوقائي يمنع الأموال من التحرك خارج سيطرة المؤسسة المالية بينما يتم التحقق من صحة التطابق. إذا تم تأكيد التطابق، يصبح الحجب إلزامياً وقد يتطلب إبلاغ السلطات المختصة. بالتوازي مع الحجب، يجب تصعيد الأمر فوراً إلى مسؤول الامتثال أو مسؤول الإبلاغ عن غسل الأموال (MLRO) الذي يمتلك الصلاحية والخبرة لتقييم المخاطر وتحديد ما إذا كان التطابق إيجابياً كاذباً (False Positive) أو تطابقاً حقيقياً (True Hit). وأخيراً، يعد التوثيق الشامل لعملية اتخاذ القرار، من لحظة التنبيه وحتى القرار النهائي بالإفراج أو الإبلاغ، أمراً ضرورياً للامتثال التنظيمي ولأغراض التدقيق الداخلي والخارجي، مما يضمن الشفافية والمساءلة في جميع مراحل التعامل مع تنبيهات العقوبات.

نظرًا لأن هذا السؤال يركز على المفاهيم النوعية والتحليلية المتعلقة بالامتثال ومكافحة غسل الأموال (AML) ومعرفة العميل (KYC)، ولا يتضمن أي عناصر رياضية أو حسابات، فإن عرض عملية حسابية غير منطبق. ومع ذلك، يتم تقديم شرح مفصل للمفاهيم الأساسية. تُعد شركات الواجهة (Shell Companies) أداة شائعة في التخطيط المالي الدولي، ولكنها تمثل أيضًا خطرًا كبيرًا في سياق التهرب الضريبي وغسل الأموال. يركز التدقيق المعمق (EDD) في إطار CKYCA على تحديد ما إذا كانت الشركة تمتلك “جوهرًا اقتصاديًا” حقيقيًا. يشير غياب الجوهر الاقتصادي إلى أن الشركة قد تكون مجرد كيان ورقي تم إنشاؤه فقط لتحويل الأرباح أو إخفاء مصدر الأموال. إذا كانت الشركة لا تملك مكاتب فعلية، أو موظفين محليين، أو عمليات تشغيلية حقيقية، بينما تتعامل في تدفقات مالية ضخمة، فهذا مؤشر خطر قوي على أنها تُستخدم كقناة غير مشروعة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعقيد هيكل الملكية هو مؤشر حاسم آخر. عندما يتم إخفاء المالك المستفيد النهائي (UBO) خلف طبقات متعددة من الشركات القابضة، أو الصناديق الائتمانية، أو مديري الحسابات الصوريين، خاصة إذا كانت هذه الهياكل تقع في ولايات قضائية معروفة بالسرية المصرفية، فإن ذلك يزيد بشكل كبير من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي. يجب على المؤسسات المالية أن تولي اهتمامًا خاصًا لهذه المؤشرات، حيث إنها تتجاوز مجرد التخطيط الضريبي المشروع وتدخل في نطاق الأنشطة المالية غير المشروعة التي تتطلب الإبلاغ الفوري للسلطات المختصة.

تعتبر عملية تقييم الأخبار السلبية (Adverse Media) خطوة حاسمة في إجراءات العناية الواجبة تجاه العملاء، خاصة بالنسبة للكيانات ذات المخاطر العالية. لا يكفي مجرد تحديد وجود تقارير سلبية، بل يجب إجراء تحليل معمق لتحديد مدى أهميتها وتأثيرها الفعلي على ملف مخاطر العميل. يبدأ هذا التحليل بالتحقق من مصدر المعلومات، حيث يجب تقييم ما إذا كانت التقارير صادرة عن مصادر موثوقة مثل الهيئات التنظيمية الرسمية أو وسائل الإعلام الرئيسية ذات السمعة الجيدة، أو مجرد مدونات أو مصادر غير مؤكدة. كما يجب تحديد تاريخ وقوع الحادثة وتاريخ نشر الخبر، فالحوادث القديمة التي تم حلها قد تحمل مخاطر أقل من القضايا الجارية. الأهم من ذلك هو فهم نتيجة الادعاءات، أي ما إذا كانت قد أدت إلى إدانات جنائية، أو تسويات مدنية، أو غرامات تنظيمية رسمية. بعد ذلك، يجب على ضابط الامتثال التواصل مع العميل للحصول على تفسيرات مباشرة ووثائق داعمة تثبت الإجراءات التصحيحية التي اتخذها العميل لمعالجة المشكلة المذكورة. هذا التفاعل المباشر يسمح للمؤسسة المالية بتقييم التزام العميل الحالي بالامتثال والنزاهة، وهو ما يشكل أساساً لاتخاذ قرار مستنير بشأن استمرار العلاقة أو تطبيق تدابير تخفيف المخاطر المعززة.

عندما يلاحظ مسؤول الامتثال انحرافًا جوهريًا في نمط نشاط حساب العميل عن الملف التعريفي المتوقع (EAP)، فإن هذا يشكل مؤشر خطر رئيسي يتطلب استجابة فورية وممنهجة وفقًا لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. إن التناقض بين النشاط الفعلي والنشاط المتوقع، خاصة عندما يتعلق الأمر بتحويلات دولية كبيرة من مناطق عالية المخاطر، يشير إلى احتمال وجود محاولة لإخفاء مصدر الأموال أو طبيعتها. الإجراء الأول والحيوي هو البدء فوراً في عملية العناية الواجبة المعززة (EDD). تتجاوز هذه العملية مجرد تحديث الوثائق، بل تتطلب تحقيقاً معمقاً في الغرض الاقتصادي للتحويلات، والتحقق من هوية المالك المستفيد النهائي (UBO) للتأكد من عدم وجود كيانات واجهة أو ملكية مخفية. يجب توثيق جميع النتائج بشكل دقيق. بالتوازي مع ذلك، يجب على مسؤول الامتثال أن يوثق هذا الانحراف الجوهري عن ملف النشاط المتوقع (EAP) ورفع تقرير داخلي عن المعاملات المشبوهة (STR) إلى مسؤول الإبلاغ عن غسل الأموال (MLRO). هذا الإجراء إلزامي لأن الشك قد نشأ بالفعل، ويتطلب تقييمًا مركزيًا لتحديد ما إذا كان يجب رفع تقرير خارجي إلى وحدة المعلومات المالية (FIU). إن الفشل في اتخاذ هذه الخطوات الفورية يعرض المؤسسة المالية لمخاطر الامتثال والعقوبات التنظيمية.

عندما تكتشف مؤسسة مالية فجوات منهجية في وثائق اعرف عميلك (KYC)، خاصة فيما يتعلق بالملكية المستفيدة النهائية (UBO) للعملاء ذوي المخاطر العالية، فإن الاستجابة الفعالة تتطلب مسارين متوازيين. المسار الأول هو المعالجة الفورية للخلل التاريخي. يجب على المؤسسة إطلاق برنامج تصحيحي شامل وموجه لضمان جمع وتوثيق المعلومات المفقودة أو القديمة من هؤلاء العملاء. هذا الإجراء ضروري لتقليل التعرض للمخاطر التشغيلية ومخاطر الامتثال، وقد يتطلب فرض قيود على الحسابات غير المستجيبة لضمان الجدية والالتزام. المسار الثاني هو منع تكرار هذه الفجوات في المستقبل. يتطلب ذلك مراجعة شاملة وتعديل لسياسات وإجراءات العناية الواجبة للعملاء (CDD) لضمان أن معايير التحقق من UBOs أصبحت أكثر صرامة وتتوافق مع أفضل الممارسات التنظيمية. يجب أن يشمل هذا التعديل تدريباً إلزامياً للموظفين المعنيين لضمان فهمهم الكامل للمعايير الجديدة وتطبيقها بدقة، بالإضافة إلى إنشاء آليات لضمان الجودة والمراجعة الداخلية المستمرة لملفات العملاء. إن مجرد الاعتماد على التكنولوجيا أو تأجيل الإجراءات التصحيحية لا يلبي المتطلبات التنظيمية الصارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي تفرض على المؤسسات المالية الحفاظ على بيانات عملاء دقيقة ومحدثة باستمرار، خاصة للكيانات التي تحمل مخاطر عالية.

نظرًا لأن هذا السؤال يركز على التفسير النوعي للأطر القانونية والتعاقدية لتحديد السيطرة، فلا يوجد حساب رياضي مطلوب. يعتمد تحديد المستفيد النهائي (UBO) في هذا السيناريو بشكل كامل على تحليل آليات السيطرة الفعلية بدلاً من نسب الملكية البسيطة. يجب على متخصصي اعرف عميلك (KYC) والامتثال لمعايير مكافحة غسل الأموال (AML) تطبيق نهج قائم على المخاطر يحدد من يمارس السيطرة النهائية على الكيان، حتى لو كانت هذه السيطرة غير مباشرة أو تعاقدية. المستفيد النهائي هو الشخص الطبيعي الذي يمتلك أو يسيطر على العميل أو يستفيد منه. في الهياكل المؤسسية المعقدة، قد لا يكون الشخص أو الكيان الذي يمتلك أكبر حصة من الأسهم هو المتحكم الفعلي. المعيار الحاسم هو القدرة على توجيه الأنشطة أو القرارات الاستراتيجية للشركة. عندما يمتلك كيان ما، مثل الشركة ب في هذا المثال، حق النقض (Veto Right) على القرارات الاستراتيجية الرئيسية مثل تعيين مجلس الإدارة أو توزيع الأرباح، فإن هذا الحق يمنحها سيطرة مهيمنة على الشركة، بغض النظر عن حقيقة أن حصتها في الملكية تبلغ 40% فقط. هذا الحق التعاقدي يمثل وسيلة أخرى للسيطرة تتجاوز عتبة الملكية المباشرة البالغة 25% أو 50%، ويجب اعتباره الأساس الأساسي لتحديد المستفيد النهائي أو الكيان المسيطر في سياق العناية الواجبة المعززة.

تعتبر العناية الواجبة المستمرة بالعميل (Ongoing CDD) عنصراً حاسماً في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي تتجاوز مجرد عملية التحقق الأولية من الهوية. بالنسبة للعملاء ذوي المخاطر العالية، مثل الشركات القابضة المعقدة، يجب أن تكون إجراءات المراقبة أكثر صرامة وتواتراً. الهدف الأساسي من المراقبة المستمرة هو التأكد من أن المعلومات التي تم جمعها لتحديد هوية العميل والتحقق منها (ID&V) تظل دقيقة وحديثة طوال مدة العلاقة التعاقدية. يتطلب ذلك نهجاً استباقياً يتضمن إعادة تقييم دورية للمخاطر وإعادة تحقق من الوثائق الأساسية. يجب على المؤسسة المالية تحديد فترات زمنية لإعادة التحقق تتناسب طردياً مع مستوى المخاطر المصنف للعميل، حيث يتطلب العميل عالي المخاطر إعادة تحقق سنوية أو كل سنتين كحد أقصى. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون المؤسسة مجهزة بأنظمة تكنولوجية قادرة على إجراء فحص مستمر وفوري لبيانات العميل، بما في ذلك المالكين المستفيدين، مقابل قوائم العقوبات المحلية والدولية وقوائم الشخصيات السياسية المعرضة (PEPs). هذا الفحص المستمر ضروري لضمان عدم تورط العميل أو أي من أطرافه المرتبطة في أنشطة محظورة أو تغير وضعه التنظيمي أو السياسي بشكل مفاجئ. إن أي تغيير جوهري في هيكل الملكية أو طبيعة النشاط يتطلب تحديثاً فورياً لملف العميل وإعادة التحقق من الوثائق الداعمة.

تعتبر مراقبة العملاء ذوي المخاطر العالية عنصراً حاسماً في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. عندما يؤكد نظام مراقبة المعاملات وجود نشاط غير عادي أو مشبوه لعميل مصنف على أنه عالي المخاطر، فإن الإجراءات المطلوبة تتجاوز المراجعة الروتينية. يجب على مسؤول الامتثال تطبيق إجراءات العناية الواجبة المعززة المستمرة (Ongoing EDD) بشكل فوري. أولاً، إذا أدى تحليل التنبيهات إلى تكوين اشتباه موضوعي ومعقول في أن المعاملات قد تكون مرتبطة بنشاط إجرامي، يصبح الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة (STR) واجباً قانونياً وفورياً تجاه وحدة الاستخبارات المالية المختصة، وهذا يمثل الخطوة الأكثر أهمية في حماية المؤسسة من التورط في الجرائم المالية. ثانياً، يجب أن تكون هذه التنبيهات بمثابة محفز لإعادة تقييم شاملة لملف مخاطر العميل. يجب توثيق الانحرافات عن السلوك المتوقع وتحديث تصنيف المخاطر ليعكس الواقع الجديد، مما قد يؤدي إلى زيادة وتيرة المراجعات الدورية أو تغيير مستوى العلاقة مع العميل. ثالثاً، تتطلب المراقبة المعززة إجراء تحقيق معمق يركز على المعاملات المحددة التي أثارت الشكوك. يشمل ذلك التحقق من مصدر الأموال أو الثروة المرتبطة بتلك المعاملات تحديداً لضمان شرعيتها، وهو ما يتطلب غالباً جمع وثائق إضافية ومستندات داعمة. هذه الخطوات تضمن أن المؤسسة المالية تفي بالتزاماتها التنظيمية وتخفف من مخاطر الامتثال المرتبطة بالعملاء الأكثر خطورة، مع الالتزام الصارم بعدم إخطار العميل بالتحقيقات الجارية.

تعتبر عملية التمييز بين النتائج الجوهرية (Material Hits) والنتائج غير الجوهرية (Immaterial Hits) حجر الزاوية في وظيفة فحص العملاء (Screening) ضمن برنامج اعرف عميلك ومكافحة غسل الأموال. النتيجة الجوهرية هي تلك المطابقة التي تحمل مؤشرات قوية وذات مصداقية عالية على أن العميل أو الطرف الذي يتم فحصه هو بالفعل الكيان أو الشخص المدرج في قوائم العقوبات أو قوائم الأشخاص المعرضين سياسياً (PEPs) أو قوائم المراقبة الأخرى ذات الصلة بالمخاطر التنظيمية. تتطلب هذه النتائج تصعيداً فورياً إلى المستويات العليا في الامتثال لاتخاذ إجراءات حاسمة، والتي قد تشمل تجميد الأصول أو رفض العلاقة المصرفية أو تقديم تقرير نشاط مشبوه إلى الجهات الرقابية. يتم تحديد جوهرية المطابقة بناءً على قوة المعرفات المتطابقة. فكلما زاد عدد المعرفات الفريدة التي تتطابق (مثل الاسم الكامل، تاريخ الميلاد، رقم الهوية، الجنسية، أو العنوان المحدد)، زادت احتمالية أن تكون النتيجة جوهرية. على النقيض من ذلك، فإن النتائج غير الجوهرية، والتي تُعرف غالباً بالإيجابيات الكاذبة، هي مطابقات ضعيفة تعتمد عادةً على تشابه الأسماء الشائعة أو المطابقات الجزئية، حيث تختلف المعرفات الرئيسية الأخرى بشكل واضح. يمكن لمحلل الامتثال عادةً إغلاق هذه النتائج غير الجوهرية بسرعة بعد إجراء مراجعة أولية موثقة، دون الحاجة إلى تصعيدها إلى مستوى التحقيق الكامل.

تعتبر الأمانات (Trusts) من الهياكل القانونية التي تمثل تحديًا كبيرًا في مجال العناية الواجبة للعملاء (CDD) ومكافحة غسل الأموال (AML)، خاصة عندما تكون أجنبية أو معقدة. يكمن الخطر الأساسي في أن الأمانة تفصل الملكية القانونية (التي يحملها الأمين/الوصي) عن الملكية النفعية (التي تعود للمستفيدين)، مما يسهل إخفاء هوية المالك المستفيد النهائي (UBO). للامتثال للمتطلبات التنظيمية، يجب على المؤسسات المالية تحديد جميع الأطراف الرئيسية في الأمانة: المُنشئ (Settlor)، والأمين (Trustee)، والمستفيدين (Beneficiaries)، وأي شخص يمارس سيطرة فعلية على الأصول. الوثيقة الأساسية التي تحدد هذه العلاقات القانونية، وتوضح سلطات الأمين، وتفاصيل توزيع الأصول، وتسمية المستفيدين، هي صك الأمانة. بدون تحليل دقيق لهذه الوثيقة، لا يمكن للمؤسسة المالية أن تفهم بشكل كامل هيكل الأمانة أو تقييم مخاطرها أو التحقق من هوية الأطراف المسيطرة. إن الحصول على صك الأمانة الموثق هو خطوة حاسمة في عملية العناية الواجبة المعززة (EDD) لضمان الشفافية والامتثال للمعايير الدولية والمحلية لمكافحة الجرائم المالية. هذا يضمن أن المؤسسة قد بذلت جهدًا معقولًا لـ “اختراق الحجاب” القانوني وتحديد مصدر الأموال والسيطرة النهائية.

تتطلب إجراءات العناية الواجبة المعززة (EDD)، خاصة عند التعامل مع الأشخاص المعرضين سياسيًا (PEPs) وعمليات الإلحاق عن بعد (Non-Face-to-Face)، مستوى أعلى بكثير من التحقق مقارنة بالعملاء ذوي المخاطر المنخفضة أو المتوسطة. إن مجرد الاعتماد على النسخ المصدقة من وثائق الهوية، حتى لو كانت مصدقة من جهة خارجية، لا يكفي لتلبية متطلبات التحقق المناسبة في سياق المخاطر العالية. الهدف الأساسي هو التأكد من أن الوثائق أصلية وغير مزورة، وأن الشخص الذي يقدمها هو بالفعل صاحب الهوية. ولتحقيق ذلك، يجب على المؤسسة المالية اللجوء إلى مصادر مستقلة وموثوقة. يشمل التحقق المستقل الاتصال المباشر بالجهة الحكومية المصدرة للوثيقة لتأكيد صلاحيتها، أو استخدام تقنيات التحقق الرقمي المتقدمة التي تستخدم القياسات الحيوية (Biometrics) ومطابقة الوجه مع قاعدة بيانات رسمية. هذه الإجراءات تضمن “الحضور الفعلي” للعميل وتحد من مخاطر انتحال الهوية. إن التركيز على التحقق من مصدر الوثيقة أو استخدام تقنيات التحقق الحيوي هو الإجراء الأكثر فعالية لضمان اكتمال إجراءات التحقق المطلوبة بموجب لوائح مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو يتفوق على الإجراءات الأخرى التي قد تكون جزءًا من العناية الواجبة المعززة (مثل مراقبة المعاملات أو طلب إقرارات الثروة) ولكنه لا يمثل الإجراء الأساسي لضمان صحة الهوية والوثائق.

إن تقييم طبيعة الحساب والغرض منه هو حجر الزاوية في عملية اعرف عميلك (KYC) ومكافحة غسل الأموال (AML). عندما يظهر النشاط الفعلي للحساب تناقضاً جوهرياً مع الغرض المعلن عند فتح الحساب، فإن هذا يشير إلى زيادة فورية في مستوى المخاطر المرتبطة بالعميل. يجب على مسؤول الامتثال أن يتخذ إجراءات حاسمة لضمان أن المؤسسة المالية لا تسهل عن غير قصد أنشطة غير مشروعة. الإجراء الأكثر أهمية هو إعادة تقييم شاملة لملف المخاطر للعميل. هذا التقييم يجب أن يشمل مراجعة دقيقة لجميع الوثائق الأصلية، وفهم مصدر الأموال ووجهتها النهائية، وتبرير التغيير في نمط المعاملات. يتطلب هذا التناقض تفعيل إجراءات العناية الواجبة المعززة (EDD) فوراً، والتي تتجاوز المراقبة الروتينية. الهدف من العناية الواجبة المعززة هو تحديد ما إذا كان التغيير في النشاط مشروعاً وله تفسير تجاري معقول، أو ما إذا كان يشير إلى محاولة لإخفاء طبيعة الأموال أو غرضها الحقيقي، مما قد يستدعي تقديم تقرير عن الأنشطة المشبوهة لاحقاً. يجب توثيق جميع الخطوات المتخذة والنتائج المستخلصة بدقة لضمان الامتثال التنظيمي.

تتطلب متطلبات اعرف عميلك (KYC) ومكافحة غسل الأموال (AML) من المؤسسات المالية عدم الاعتماد فقط على المراجعات الدورية المجدولة لملفات العملاء، بل يجب عليها أيضاً إجراء مراجعات فورية وإعادة تقييم للمعلومات الحالية عند حدوث ما يُعرف بـ “أحداث الزناد” (Trigger Events). يُعد التغيير الجوهري في هيكل الملكية المستفيدة النهائية، أو طبيعة العمل، أو الولاية القضائية الرئيسية للعميل المؤسسي، مثالاً نموذجياً لحدث الزناد الذي يغير بشكل جذري ملف المخاطر الخاص بالعميل. عند تلقي إشعار بمثل هذه التغييرات، يجب على مساعد اعرف عميلك المعتمد (CKYCA) البدء فوراً في عملية العناية الواجبة المعززة (EDD) لضمان أن المؤسسة لا تتعامل عن غير قصد مع كيانات أو أفراد يمثلون مخاطر أعلى لغسل الأموال أو تمويل الإرهاب. تشمل الخطوات الإلزامية التحقق من صحة جميع البيانات الجديدة من خلال وثائق رسمية حديثة، وإعادة تقييم شاملة لتصنيف المخاطر بناءً على العوامل الجديدة (مثل الولاية القضائية عالية المخاطر أو النشاط التجاري الجديد)، وإجراء فحص دقيق لجميع الأطراف الجديدة المرتبطة بالعميل مقابل قوائم العقوبات الدولية وقوائم المراقبة. هذه الإجراءات تضمن استمرارية الامتثال وتحديث سجلات العميل لتعكس وضعه الحالي بدقة.

تعتبر مؤشرات الخطر جزءاً حيوياً من عملية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث تساعد المؤسسات المالية على تحديد الأنشطة التي قد تكون غير مشروعة. في هذا السيناريو، تتركز مؤشرات الخطر حول التناقضات الجوهرية بين الملف التعريفي للعميل وسلوكه المالي الفعلي. إن قيام شركة ناشئة بإجراء تحويلات دولية ضخمة ومتكررة لا تتناسب مع طبيعة عملها المعلن (استيراد قطع الغيار) يمثل مؤشراً قوياً على محاولة إخفاء مصدر الأموال أو طبيعة استخدامها، وهو ما يندرج تحت فئة الشذوذ في المعاملات. علاوة على ذلك، فإن استخدام ولايات قضائية عالية المخاطر أو غير شفافة في هذه التحويلات يزيد من مستوى الاشتباه بشكل كبير، خاصة إذا كانت هذه الولايات معروفة بضعف ضوابط مكافحة غسل الأموال أو بكونها ملاذات ضريبية. أما رفض المدير التنفيذي تقديم أي تبرير أو وثائق داعمة للمعاملات، بحجة “الأسرار التجارية”، فيشير إلى محاولة متعمدة للتهرب من الرقابة والشفافية، مما يعزز الاشتباه في أن هذه الأموال قد تكون مرتبطة بنشاط إجرامي. يجب على مسؤول الامتثال النظر إلى هذه المؤشرات مجتمعة لتقييم المخاطر واتخاذ قرار رفع تقرير الاشتباه، حيث أن هذه التناقضات الثلاثة تشكل نمطاً سلوكياً يهدف إلى إخفاء الطبيعة الحقيقية للأموال.

تتطلب التعاملات مع الشركات الوهمية (Shell Companies)، خاصة تلك المسجلة في ولايات قضائية ذات ضرائب منخفضة أو ملاذات ضريبية، تطبيق إجراءات عناية واجبة معززة (EDD) نظراً لارتفاع مخاطر استخدامها في التهرب الضريبي أو التجنب الضريبي العدواني، والتي تعتبر جرائم أصلية لغسل الأموال. إن تحديد المخاطر لا يقتصر على التحقق من هوية المالك المستفيد النهائي (UBO) فحسب، بل يمتد إلى فهم الغرض الاقتصادي الحقيقي للكيان. يجب على المؤسسات المالية أن تتجاوز الوثائق الشكلية وتدقق في وجود “المادة الاقتصادية” (Economic Substance) للشركة، مما يعني التأكد من أن الشركة لديها عمليات فعلية وموظفين ومكاتب وقرارات إدارية تُتخذ في الولاية القضائية التي تدعي أنها مقرها. إذا كان الكيان مجرد صندوق بريد يدير أصولاً ضخمة أو حقوق ملكية فكرية، فإن هذا يشكل مؤشراً قوياً على محاولة تحويل الأرباح بشكل غير مشروع. علاوة على ذلك، يجب تقييم منطق الأعمال وراء الهيكل المعقد، خاصة فيما يتعلق بأسعار التحويل للأصول غير الملموسة. إن نقل الملكية الفكرية إلى شركة وهمية في منطقة ذات ضرائب منخفضة دون مبرر تجاري واضح أو بسعر لا يعكس القيمة السوقية يمكن أن يشير إلى تلاعب ضريبي. كما أن التدقيق في الإقامة الضريبية الفعلية للمالك المستفيد النهائي ومقارنتها بمصادر دخله وتدفقات أموال الشركة أمر حيوي لكشف التناقضات التي قد تشير إلى إخفاء الأصول أو الدخل عن السلطات الضريبية المختصة.

يتطلب تصنيف مخاطر العملاء (CRR) في المؤسسات المالية تقييمًا شاملاً للمخاطر الكامنة المرتبطة بالعميل قبل تطبيق أي عوامل تخفيف. يتم تحديد المخاطر الكامنة بشكل أساسي من خلال أربعة أبعاد رئيسية: نوع العميل، والمنتجات والخدمات المستخدمة، وقنوات التسليم، والموقع الجغرافي. في حالة العميل الاعتباري المعقد مثل شركة قابضة تعمل في التجارة الدولية، يجب أن تركز عملية التقييم على العوامل التي تزيد بشكل كبير من احتمالية غسل الأموال أو تمويل الإرهاب. تعتبر الولاية القضائية التي يتمتع فيها العميل بوجود أو نشاط عاملاً حاسماً؛ فإذا كانت هذه الولاية مصنفة على أنها عالية المخاطر من قبل الهيئات الدولية مثل مجموعة العمل المالي (FATF)، فإن هذا يرفع تلقائيًا مستوى المخاطر الكامنة. علاوة على ذلك، فإن تعقيد هيكل الملكية، خاصة عندما يتضمن طبقات من الشركات الوهمية أو هياكل غير شفافة، يعيق تحديد المالك المستفيد النهائي (UBO) بشكل فعال، مما يزيد من مخاطر التعتيم والتهرب. كما أن طبيعة النشاط التجاري نفسه، مثل التعامل في المعادن الثمينة أو السلع عالية القيمة التي يسهل نقلها عبر الحدود، تعتبر مؤشراً على مخاطر عالية للمنتج، حيث يمكن استخدام هذه الأصول لتبييض كميات كبيرة من الأموال. هذه العوامل الثلاثة مجتمعة تبرر تصنيف العميل فوراً ضمن فئة المخاطر العالية وتستلزم تطبيق العناية الواجبة المعززة (EDD) لضمان فهم كامل لمصدر الأموال والثروة والغرض من العلاقة التجارية.

تحديد المعلومات المطلوبة هو حجر الزاوية في عملية العناية الواجبة بالعملاء (CDD)، خاصة عندما يتعلق الأمر بالكيانات المصنفة على أنها عالية المخاطر. إن الهدف الأساسي من تقييم المعلومات هو بناء صورة واضحة وشاملة لطبيعة العميل ونشاطه ومخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبطة به. بالنسبة للشركات القابضة ذات الهياكل المعقدة أو التي تعمل في ولايات قضائية عالية المخاطر، يجب تطبيق العناية الواجبة المعززة (EDD). يتطلب ذلك تجاوز متطلبات تحديد الهوية الأساسية. من الضروري تحديد المالك المستفيد النهائي (UBO) بشكل قاطع، وهذا يعني تتبع سلسلة الملكية بالكامل حتى الأفراد الطبيعيين الذين يمارسون السيطرة النهائية، بغض النظر عن عتبات الملكية المعتادة التي قد لا تكشف عن السيطرة الفعلية في الهياكل المعقدة. علاوة على ذلك، يعد فهم مصدر الثروة ومصدر الأموال أمرًا حيويًا لتقييم ما إذا كانت الأصول والتدفقات النقدية تتناسب مع الملف التعريفي للعميل ونشاطه التجاري المعلن، مما يساعد على اكتشاف أي أنشطة مشبوهة محتملة. وأخيرًا، يجب على المؤسسة المالية أن تفهم الغرض الاقتصادي والمنطقي لأي ترتيبات أو معاملات هيكلية معقدة أو غير عادية. إذا لم يكن هناك تفسير تجاري أو اقتصادي واضح للهيكل، فقد يشير ذلك إلى محاولة لإخفاء الملكية أو طبيعة الأموال، مما يزيد من المخاطر بشكل كبير ويتطلب مزيدًا من التدقيق. هذه العناصر الثلاثة هي الأكثر أهمية لتحديد وتقييم المخاطر الحقيقية للعميل عالي المخاطر.

يعد فحص العملاء ضد قوائم العقوبات وقوائم المراقبة الأخرى، مثل قوائم الشخصيات السياسية المعرضة وقوائم وسائل الإعلام السلبية، ركيزة أساسية لبرنامج مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. يجب على المؤسسات المالية أن تتبنى نهجًا استباقيًا لضمان تحديث جميع القوائم المستخدمة في الفحص بشكل فوري ودوري، خاصة تلك الصادرة عن الهيئات التنظيمية الدولية والمحلية. إن الفشل في استخدام أحدث القوائم يمكن أن يؤدي إلى انتهاكات خطيرة للعقوبات وغرامات باهظة، مما يعرض المؤسسة لمخاطر سمعة وقانونية كبيرة. علاوة على ذلك، لا يقتصر الفحص على تحديد التطابقات المحتملة فحسب، بل يتطلب أيضًا وجود إجراءات داخلية واضحة وموثقة للتحقيق في هذه التطابقات. يجب أن تضمن هذه الإجراءات أن يتم تصنيف التطابقات الحقيقية (True Hits) ومعالجتها على الفور، بما في ذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة مثل تجميد الأصول أو إبلاغ السلطات المختصة، وفقًا للالتزامات القانونية المطبقة في الولاية القضائية. كما أن عملية الفحص ليست حدثًا لمرة واحدة؛ بل يجب أن تكون مستمرة، وتتطلب إعادة فحص العملاء عند حدوث تغييرات جوهرية في ملف المخاطر الخاص بهم أو عند ظهور معلومات سلبية جديدة ومهمة تتعلق بالجرائم المالية، مما يستدعي تطبيق العناية الواجبة المعززة لتقييم المخاطر المستمرة. هذه المتطلبات تضمن أن المؤسسة تحافظ على بيئة امتثال قوية ومتوافقة مع المعايير الدولية والمحلية لمنع إساءة استخدام النظام المالي.

إن تقييم موثوقية المعلومات هو حجر الزاوية في عملية اعرف عميلك (KYC). عندما يواجه مسؤول الامتثال تناقضات جوهرية بين المعلومات المقدمة من العميل (مثل الإفصاح الذاتي) والمعلومات المستمدة من مصادر خارجية، يصبح من الضروري تطبيق مبدأ الشك المهني. يجب أن تكون الأولوية القصوى هي التحقق من صحة البيانات باستخدام مصادر مستقلة وموثوقة وذات مصداقية عالية. تشمل المصادر الموثوقة السجلات الحكومية الرسمية، وقواعد البيانات العامة المعتمدة، والتقارير الصادرة عن جهات تنظيمية. لا يكفي مجرد توثيق التناقض، بل يجب إجراء بحث معمق لتحديد المصدر الأكثر دقة. إذا لم يتمكن البحث المستقل من حل التناقض أو إذا كانت المعلومات المتضاربة تشير إلى مخاطر عالية محتملة، فإن الإجراء القياسي يتطلب تصعيد الأمر إلى الإدارة العليا أو لجنة المخاطر. هذا التصعيد يضمن أن قرار قبول العميل أو رفضه يتم اتخاذه على مستوى مناسب يتحمل مسؤولية المخاطر المتبقية، مما يحافظ على سلامة برنامج الامتثال للمؤسسة ويضمن الالتزام بالمتطلبات التنظيمية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. إن الاعتماد على مصادر غير رسمية أو الاكتفاء ببيانات العميل الذاتية في وجود تناقضات جوهرية يعد إخلالاً بمعايير العناية الواجبة المعززة.

إن التغير المفاجئ وغير المبرر في نمط نشاط حساب العميل، خاصة عندما يتضمن تدفقات مالية كبيرة من ولايات قضائية عالية المخاطر لا تتناسب مع الملف التعريفي التجاري المعلن للعميل، يمثل مؤشراً قوياً على احتمال وجود غسل أموال أو تمويل إرهاب. في سياق مكافحة غسل الأموال (AML) ومتطلبات العناية بالعملاء (KYC)، يقع على عاتق مسؤول الامتثال واجب قانوني ومهني لرفع تقرير المعاملات المشبوهة (STR) فوراً إلى وحدة الاستخبارات المالية (FIU) المختصة. هذا الإجراء هو الخطوة الأكثر أهمية والأكثر إلحاحاً لضمان الامتثال التنظيمي وحماية المؤسسة المالية من التورط في أنشطة غير مشروعة. يجب أن يتم هذا التقرير بسرعة فائقة بمجرد اكتشاف الشبهة، ويجب أن يرافقه توثيق شامل لجميع التناقضات والمؤشرات الحمراء التي أدت إلى الاشتباه. علاوة على ذلك، يجب الالتزام الصارم بمبدأ عدم الإفصاح (Non-Tipping Off)، مما يعني أنه لا يجوز إبلاغ العميل أو أي طرف ثالث غير مصرح له بأن معاملاته تخضع للتدقيق أو أنه تم تقديم تقرير بشأنه. بينما تعتبر إجراءات العناية الواجبة المعززة (EDD) ومطالبة العميل بالمستندات خطوات ضرورية تالية، فإن الأولوية القصوى هي الوفاء بالالتزام التنظيمي الفوري بالإبلاغ عن الشبهة.

تعتبر عملية فحص العقوبات خطوة أساسية في برنامج اعرف عميلك (KYC)، ولكنها غالبًا ما تولد عددًا كبيرًا من التطابقات الجزئية، خاصة عند استخدام أنظمة المطابقة الغامضة للتعامل مع تحديات الترجمة والأسماء الشائعة. لضمان الامتثال الفعال، لا يكفي مجرد تحديد التطابق المحتمل. يجب على المؤسسة المالية الانتقال إلى مرحلة التحقيق المعمق، والتي تُعرف باسم “التحكيم” أو “Adjudication”. تتضمن هذه المرحلة استخدام جميع المعرفات الثانوية المتاحة للعميل، مثل تاريخ الميلاد، والجنسية، وعنوان الإقامة، وأرقام الهوية أو جواز السفر، لمقارنتها بالبيانات المتاحة في قائمة العقوبات. إذا كانت البيانات الثانوية غير متطابقة، يمكن تبرير إزالة التطابق الجزئي. علاوة على ذلك، يجب تحليل هيكل الملكية المعقد للعميل المؤسسي لتحديد ما إذا كان الكيان نفسه أو أي من الكيانات التابعة له أو المالكين المستفيدين يخضعون لقاعدة الملكية والسيطرة (50% Rule) الخاصة بالعقوبات. هذا التحليل الشامل هو الضمانة الوحيدة لتجنب التعامل غير المقصود مع كيان معاقب، مع الحفاظ على كفاءة العمليات من خلال تصفية التطابقات الخاطئة بسرعة. إن مجرد تعديل إعدادات النظام أو الاعتماد على إفادات العميل لا يلبي متطلبات العناية الواجبة المعززة المطلوبة في سياق العقوبات الدولية، خاصة عند التعامل مع ولايات قضائية عالية المخاطر.

لا يتطلب هذا السؤال أي حسابات رياضية، حيث يركز على المفاهيم التنظيمية والامتثال النوعي المتعلق بالاعتماد على الأطراف الثالثة في سياق مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تعتبر عملية الاعتماد على أطراف ثالثة لإجراء جزء من العناية الواجبة للعملاء (CDD) ممارسة شائعة في القطاع المالي، ولكنها تحمل مخاطر امتثال كبيرة. تفرض الهيئات التنظيمية، بما في ذلك تلك التي تتبع معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT) في المنطقة العربية، متطلبات صارمة لضمان عدم استخدام هذا الاعتماد كطريق للتهرب من المسؤولية. المبدأ الأساسي هو أن المؤسسة المالية المعتمدة تظل مسؤولة بشكل كامل ونهائي عن استيفاء جميع متطلبات اعرف عميلك، حتى لو تم تفويض مهمة جمع البيانات الأولية لطرف آخر. يجب على المؤسسة المعتمدة أن تتأكد من أن الطرف الثالث يتمتع بالنزاهة والكفاءة، والأهم من ذلك، أنه يخضع لرقابة وإشراف فعالين في مجال مكافحة غسل الأموال في ولايته القضائية. علاوة على ذلك، يجب أن يكون هناك ترتيب تعاقدي واضح يضمن للمؤسسة المعتمدة الوصول الفوري وغير المشروط إلى جميع وثائق الهوية والتحقق ذات الصلة عند الطلب، مما يسمح لها بمراجعة جودة العمل المنجز وتقييم المخاطر بشكل مستقل. هذا الإجراء ضروري لتمكين المؤسسة من تقديم الأدلة المطلوبة للسلطات التنظيمية في حال إجراء تدقيق أو تحقيق. إن الفشل في تلبية هذه المتطلبات الأساسية يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات تنظيمية جسيمة، خاصة عند التعامل مع عملاء ذوي مخاطر عالية.